الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية الإعلامي باسل ترجمان يتحدث عن عملية باردو الإرهـابـيـة والترويكــا وحــراك الــمــرزوقــــي وداعــش

نشر في  25 مارس 2015  (10:43)

فجر ليبيا أخطر على تونس من داعش

دقّ مجددا ناقوس خطر الإرهاب في تونس في عملية غادرة استباقية من نوعها ضربت نبض العاصمة، حيث نفّذّت مجموعة إرهابية في مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضي هجوما جبانا استهدف قلب تونس تحديدا متحف باردو ليسفر عن سقوط أكثر من 21 قتيلا وما لا يقل عن 50 جريحا.
استمرار سلسلة العمليات الإرهابية وتحولها من الجبال والمنحدرات إلى المدن وقرب مراكز سيادية، وإعلان تنظيم داعش تبنّيه للعملية الجبانة الأخيرة أكّد على أنّ وجود «غول» الإرهاب في تونس حقيقة وليس سرابا كما اعتبره البعض.
وفي هذا الإطار حاورت أخبار الجمهورية الصحفي والكاتب والمحلل السياسي والأمني الأستاذ باسل ترجمان الذي سلّط الضوء على العديد من المسائل الهامة التي  تطرّق فيها إلى الحديث عن تنامي ظاهرة الإرهاب وكذلك حول مواضيع تخص الشأن العام التونسي تكتشفونها معنا كالتالي..

في البداية، تعليقك بخصوص العملية الإرهابية الأخيرة بباردو؟
هي عملية جبانة ومؤلمة لتونس وكانت متوقعة وليست مفاجئة كما اعتبرها البعض، فكثير من الخبراء والمختصين في قضايا الإرهاب حذروا مرارا من خطر تدرج الإرهاب إلى المدن وبالتالي فانّ هذا العمل الإجرامي الأخير يعتبر مؤشرا على انتقال جذوة الإرهاب لمرحلة جديدة وتحتاج مجابهته إلى النظر بعمق في أسس عمله والسعي لكشف كل الأطراف التي ساهمت في دعم وتسهيل نشاط هذه الجماعات المتطرفة سواء على مستوى الفكر أو الممارسة. المهم اليوم هو كيف نضع حدا لهذا الإرهاب المتنامي والمتدرج في نوعية عملياته التي تنفذها عصابات إجرامية ضد تونس قصد ضرب أمنها واستقرارها وافقاد شعبها وأجهزة الدولة ثقتهم بمؤسساتهم.
صرّحت بمعطيات هامة حول الأسلحة التي كانت بحوزة إرهابيي باردو، لو تفسّرها لنا؟
هي أسلحة تابعة للجيش الليبي السابق، ومن ضمن كميات الأسلحة الهامة التي أدخلت من ليبيا إلى تونس ولم يعرف احد أين ذهبت. كما أن أجهزة الأمن كشفت في الفترة الماضية وتحديدا في الجنوب عن مخزني أسلحة وذخيرة لم ينتبه احد إلى أنها احتوت على ذخيرة رشاشات ثقيلة من عيار 12.7 وعدد كبير من قاذفات RBJ 7 مضادة للدروع .
وتجدر الإشارة إلى أن العناصر الإرهابية مازالت بعد لم تستعمل هذا النوع من الأسلحة الثقيلة، لكنّ وجودها يؤكد على أنها وصلت لأيديهم وهو ما يمثل مؤشرا خطيرا قد يكون دليلا على استعدادات تلك الجماعات في تنفيذ مخطط لاجتياح المدن والمناطق الريفية والسيطرة عليها.
هل تعتقد أنّ تواصل العمليات الإرهابية يعتبر دليلا على تراخي الحكومات المتداولة بعد الثورة في مجابهة ظاهرة الإرهاب والتوقي منها؟
أنا ضدّ فكرة التراخي، وذلك لان أجهزة الأمن في تونس حققت نجاحات ثمينة تستحق كل التقدير والاحترام، ولكن الجماعات المتطرفة استغلت الثغرات الموجودة في سياسة مجابهة الإرهاب لتنفّذ بذلك ضربات انتقامية للهجمات القاسية التي تلقتها من قبل قوات الأمن.
واستدرك قائلا: لكنني أقول إن هنالك خلل حدث على مستوى عدم المتابعة الدقيقة وكذلك عبر الثقة المتزايدة لدى الأجهزة الأمنية في مجابهة الإرهاب وفي عدم تقييمهم لثقل خطر هذه الموجة العنيفة لان مكافحتها ليست بالأمر الهين واليسير. كما أن مجمل عمل المنظومة الأمنية يحتاج إلى إعادة تكوين جديد لكل الأعوان الأمنيين في التدريب على مواجهة الإرهاب.
هذا إلى جانب إعادة تأهيل وتكوين للعقيدة الأمنية قصد الإلمام بكل حيثيات العمليات الإرهابية والتعرف على عناصرها والتمييز بين المواطن العادي والإرهابي.
لو تفسر لنا ذلك؟
رجل الأمن في تونس يتعامل مع الفرد في البداية على انه مواطن عادي وفي حالة الشك يتعامل معه على انه مجرم أو لصّ ولكن ليس قاتلا أو إرهابيا، لذلك يجب إعادة تأهيل لاستبيان مخاطر الإرهاب الجديدة على المؤسسة الأمنية في تونس والتي بدأت في معرفة هذه الظاهرة مع العملية الإرهابية في جربة سنة 2002 ثمّ خلال أحداث سليمان سنة 2006 .
أقول كذلك إن حقيقة الإرهاب الذي ابتلينا به عرفناها مباشرة بعد حلول حكم الترويكا ومن خلال تقديم الإسلام السياسي على انه بديل ديمقراطي يسعى إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية.
إذن فأنت تعتبر أن الترويكا ساهمت في انتشار الإرهاب؟
(بنبرة حازمة): أنا أعتبر الترويكا مسؤولة ومساهمة ومشجعة على تنامي الإرهاب في تونس لأنها لم تتعامل معه كقضية تهدد امن وسلامة الوطن بل استغلت المجموعات الإرهابية وعناصر تنظيم أنصار الشريعة واعتبرتها بمثابة العصا الغليظة التي تضرب بها المعارضة. ولن ننسى أن عملية حرق السفارة الأمريكية لم تأت من فراغ بل هي انعكاس لرؤية تلك الجماعات في قدرتها من رفع مستوى التفاوض السياسي بين أحزاب الترويكا والإدارة الأمريكية.
كما أن عملية تهريب الإرهابي أبو عياض لم تأت هي أيضا من فراغ. وحركة النهضة لم تنتبه إلى مخاطر أفعالها إلا بعد أن تم اغتيال الشهيد محمد البراهمي لكن للأسف بقي الحال على ما هو عليه لتستمر حدة ووتيرة الأعمال الإرهابية دون أية مجابهة فعلية حازمة لدحر هذه الظاهرة .
شدّد كاتب الدولة التوهامي العبدولي في تصريح له مؤخرا على وجوب التعامل مع المقاتلين العائدين من سوريا والعراق على أنهم «قتلة» وتتبعهم قانونيا على هذا الأساس، فهل تسانده الرأي؟
طبعا، لكن في اعتقادي أن التعاطي مع موضوع المقاتلين التونسيين في سوريا مجانب للحقيقة لانّ العدد الحقيقي لهؤلاء يفوق الـ7 آلاف مقاتل وفق معطيات دقيقة وموثوقة.
الحكومة التونسية إلى حد اللحظة لا تعلم على مستوى الناحية القانونية أن هنالك ما يزيد عن 50 أو 60 ألف شخص غادروا التراب التونسي في اتجاه ليبيا ودول شمال المتوسط بطرق غير شرعية سواء بدون جوازات سفر أو بجوازات لم يتم التأشير عليها في الحدود وهؤلاء لا يعلم أحد عنهم شيئا.
وإلى من تؤول المسؤولية في ذلك؟
حالة الفوضى التي شهدتها تونس إلى جانب التشجيع على ظاهرة ما يسمى بالجهاد في سوريا ولا ننكر للأسف أنّ حكومة الترويكا وحزب المؤتمر برئاسة المنصف المرزوقي تواطآ إلى حدّ النخاع في الدم السوري.
وما رأيك في حراك شعب المواطنين؟
هو حراك ولد ميتا ولم يستطع المرزوقي شرح فكرته لنفسه قبل أن يشرحها للآخرين..
تعليقك بخصوص إعلان داعش تبني العملية الإرهابية بباردو؟
تبني داعش لعملية باردو يؤكد حقيقة تمدد هذا الإرهاب ونجاحه في الوصول إلى قلب العاصمة واهم مراكز السيادة فيها، وهذا يجعل من خطر انتشار فكر داعش المختلف في العقيدة والجوهر عن تنظيم القاعدة يكتسب مساحات جدية في السيطرة على عقول المتطرفين ممن يسمون أنفسهم بالسلفيين الجهاديين والذين نجحت ماكينة إعلام داعش في السيطرة على أحلامهم بإقامة دولة الخلافة والحرب على الكفار ومن خلال تحويل التنظيم المغلق لجيش الخلافة الذي يلتحق به كل حالم بتطبيق الشريعة.
وما قراءتك لتهديد التنظيم الإرهابي داعش في ليبيا على الأمن القومي في تونس؟
داعش هو حالة تعكس رؤية الفكر الإسلامي الذي يتمحور في مصطلح "الفرقة الناجية" المتسبب في حدوث كوارث في التاريخ الإسلامي، وهذا المُصطلح استنبطه علماء الحديث من الحديث النبوي : «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة».
وهذا جزء من تزوير التاريخ الإسلامي من قبل «الخليط العجيب» البخاري ومسلم وما يسمى بالصحيحين وهما أيضا باعتباري إحدى كوارث الإسلام والمسلمين.
أعود إلى داعش وأقول بأنه يعتبر قفزة نوعية نحو تطور الإرهاب وتحوله إلى ظاهرة مخيفة وحقيقية في ليبيا وهذا النظام سيتحول قريبا في المنطقة إلى كابوس حقيقي.
برأيك ما الفرق بين تنظيم داعش وفجر ليبيا؟
فجر ليبيا اليوم هي الجماعة الأخطر التي تهدد تونس وهي اخطر علينا من داعش لأنها موجودة ومتمركزة على الحدود في الجنوب، وهي عبارة عن خليط من جماعات التشدد الإسلامي الليبي التابع للقاعدة وأشباهها في ليبيا وهي كذلك التي تحتضن تنظيم أنصار الشريعة وفق اعترافاتها وليس تجنّيا من أحد.
إذا كانت فجر ليبيا بهذه الخطورة، كيف تقيم اعتراف الحكومة التونسية بها كحكومة شرعية في ليبيا؟
هذا خطأ ارتكب في حق تونس، فأن نعتبر أن هنالك حكومتين شرعيتين في ليبيا واحدة انتخابية والثانية ثورية يفتح الباب على مصراعيه لانعكاسات كبيرة على مستوى فهم العلاقات بين البلدين. علينا ألا نضع أنفسنا بمنأى عما يجري في العالم، فماهو غير ممكن اليوم يمكن أن يكون ممكنا غدا.
في مفهوم الشرعية الدولية هنالك حكومة واحدة منتخبة في الدولة، لكننا اليوم أصبحنا نتحدث عن شرعية ثورية ليس لها معنى أو مضامين فبين المصالح والمبادئ يجب تقديم المبادئ على المصالح لان الأولى خالدة والثانية في زوال.
موقفك من عدم تمرير مشروع مكافحة الارهاب الى اليوم؟
لا بدّ من القول في البداية بأن العملية التي حدثت في باردو كانت رسالة قوية من الإرهابيين إلى لجنة التشريع العام التي كانت ستناقش مشروع قانون مكافحة الإرهاب في نفس اليوم، وباعتقادي فان أكبر ردّ على ذلك الهجوم الغادر هو التسريع في المصادقة على المشروع وتفعيله في اقرب وقت ممكن.
ومن عارض في السابق تمرير مشروع مكافحة الإرهاب يتحمل اليوم مسؤولية الخسائر التي تكبدتها تونس جراء تعطيل ذلك القانون فأمام حماية الأمن القومي لتونس تتراجع كل الاعتبارات.
وكل من يساهم في تعطيل هذا القانون في المستقبل يعتبر متورطا في الإرهاب بدون توجيه اتهامات لأي احد، كما أننا قد فهمنا اليوم لماذا وقع تعطيله لمدة 3 سنوات مضت!
في الختام كلمة توجهها للحكومة؟
أطلب منها ان تعتبر أنّ سلامة أمن تونس القومي وشعبها فوق كل الاعتبارات الأخرى، وعليها أن تتخذ قرارا واضحا وحاسما في فتح كل ملفات الإرهاب مهما كانت الجهات أو الأطراف المورطة فيها وستجد كل الشعب التونسي وكل العالم مساندا لها في حربها ضد ظاهرة الإرهاب.

 

حاورته: منارة التليجاني